اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية 2009 ...
هل يؤسس لمرحلة ثقافية فاعلة ؟
بقلم : سمير عطية*
جاءت موافقة وزراء الثقافة العرب في اجتماعهم الأخير في مدينة مسقط على طلب وزير الثقافة الفلسطيني د. عطا الله أبو السبح باختيار مدينة القدس عاصمة للثقافة بمثابة محطة مهمة للغاية قد تحمل معها في المستقبل بعض البشائر الثقافية إذا ما أحسنا قراء ة الواقع ، ووضع الخطط اللازمة لمثل هذا المشروع الكبير .
ولكن قبل الشروع في الحديث عن الآمال المعقودة على هذا الترشيح أرى من الضروري أن نتوقف عند أهم المحطات التي مرت بها الوزارة الحالية ، لأن هذا سيجعل من طموحاتنا تمتلك القراءة الواقعية التي ستعتمد عليها الخطط المستقبلية لهذا المشروع الكبير .
لقد جاء تشكيل حركة حماس للحكومة الفلسطينية بعد فوزها الكبير في الانتخابات التشريعية الأخيرة .
هذا الفوز ووجودها على أحد أهم المفاصل السياسية الفلسطينية ، أثار العديد من الأسئلة عن مستقبل الحكومة ، والكثير من التوقعات للمستقبل الفلسطيني .
وحظيت وزارة الثقافة بنصيب من هذه الأٍسئلة والتوقعات ، وكانت هذه القراءات رغم اختلاف تفاصيلها وتعدد الألوان الفكرية والسياسية لكُتابها تشترك بقضية واحدة ترتكز إلى الآمال المعقودة على هذه الوزارة بعد سنوات من التراجع في المشهد الثقافي الفلسطيني .
في هذه الأثناء كان وزير الثقافة يعد بالجديد وتحقيق العديد من الطموح الثقافية في الضفة الغربية وقطاع غزة حيث امتداد السلطة الفلسطينية .
ورغم أن هذه الجغرافيا لا تمثل كل أجزاء اللوحة التي تتشكل منها الخريطة الثقافية الفلسطينية ، حيث هناك الفلسطينيون الذين يعيشون هناك دولة الاحتلال القائمة على الأراضي المحتلة عام 1948 ، وهناك أيضا ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في المنافي والشتات .
رغم كل هذا إلا أن النجاح في " تحريك البركة الراكدة "- حسب وصف الكاتب الفلسطيني أسامة العيسة للوضع الثقافي الفلسطيني - سيكون نجاحا مهما للمشهد الثقافي بكامله ، وسيؤسس لمرحلة جديدة خاصة أن الحكومة الفلسطينية التي شكلتها حركة حماس ، لا تعترف بتقزيم القضية الفلسطينية على مقاس أوسلو ، كما أنها تدرك مخاطر وتداعيات تفريط منظمة التحرير بملف الفلسطينيين خارج الوطن .
ويبدو أن هذه القراءة هي التي سرَّعت في وتيرة الحرب على الحكومة ، فجاء الحصار على الفلسطينيين وعلى حكومته المنتخبة بشكل لم يسبق له مثيل للتراجع عن الرؤى والمواقف التي أشرنا إليها .
فلقد ازدادت حِدَّة الاستهداف العسكري الصهيوني خلال الشهور الماضية بهدف إسقاط هذه الحكومة ، وفُرض الحصار المالي أمريكيا وأوروبيا وشاركت في تنفيذه أطراف عربية وفلسطينية !!
كل هذه التحديات جعلت وزارة الثقافة تعاني في هذا العمر القصير من هذه الاستهدافات مجتمعة ، حتى لم نكد نسمع خارج الوطن أنها رعت احتفالا أو أقامت ندوة أو شيدت مكتبة !!
بل إن الدم النازف والاستهداف المتواصل للإنسان والحياة في فلسطين كان يجدد السؤال القديم الجديد : كيف نواجه العدوان ثقافيا ؟
ومع اقتراب الحديث السياسي عن حكومة الوحدة الوطنية ،والحديث عن قرب رحيل الحكومة كنت أقول لبعض المثقفين والمتابعين إن الحكومة الحالية ومنها وزارة الثقافة كجزء منها قد أعطت نموذجا لأهمية الوحدة على حساب المنافع ، ومثالا ناصعا يغلب التماسك على التفرق والتشرذم الذي عانت منه التجربة الفلسطينية في الداخل والخارج وعبر عقود متتابعة .
وكنت أقول ولا أزال إن ما يجري هو منعطف إيجابي مهم للغاية ، ولو رحلت الوزارة دون برامج فاعلة على الأرض لكان الأمر مخيبا للآمال ، لكن التأسيس لمفهوم الوحدة في ثقافة الشعب هو من أكبر منجزات هذه الوزارة .
غير أن موافقة وزراء الثقافة العرب على طلب الوزير الفلسطيني باعتماد القدس عاصمة للثقافة العربية عام 2009 جعل هذه الوزارة تثير عاصفة في وجوه الخصوم ، وتبعث الارتياح وتبث الأمل في نفوس المحبين لها والمنتظرين لثقافة فلسطينية فاعلة وبناءة .
وحسبك ما قاله وكيل الوزارة السابق الشاعر المعروف أحمد دحبور في صحيفة الحياة الجديدة الفلسطينية لتكتشف أن هذا الأمر على أهميته لم تنجزه وزارات ثقافية متتابعة .
بل إن مثل هذا الترشيح يعتبر من أهم البرامج التي يمكن أن تنجزه وزارة عربية في عاصمة تشهد الاستقرار ، فكيف إذا جاء لمدينة مهمة في ظروف استثنائية لوضع حكومي يُواجه بالحصار والاستهداف ؟
إنَّ هذا الاختيار جاء ليضع جميع المؤسسات والنقابات الثقافية الفلسطينية والعربية على المحك،
فالقدس ليست عاصمة للفلسطينيين وحدهم ، وبالتالي فإن الحفاظ على هويتها وتاريخها وتراثها هو مسؤولية العرب بل والمسلمين جميعا .
ولأن الحديث هنا عن الثقافة تحديدا فيمكن أن نقول بكل واقعية إننا بحاجة إلى أن ينهض هذا المشروع بأمتنا وثقافتها ويؤسس لمرحلة ثقافية تنتمي إلى تاريخها وحضارتها وتراثها ودينها ،
وأرى أن يكون أول هذه الخطوات هو إنهاء حالة القطيعة بين الثقافة والجمهور باختيار وسائل وبرامج تمكن الفرد الفلسطيني والعربي من المشاركة في إحياء هذا المشروع في كل مكان يتواجد فيه .
وعلى المؤسسات الثقافية الفلسطينية في الداخل والخارج وعلى امتداد التواجد الفلسطيني الجغرافي في فلسطين المحتلة عام 48+ 67 أن تنسق الجهود وتقترب من الهم الثقافي الواحد ، وعلى وزارة الثقافة الفلسطينية أن تأخذ بعين الاعتبار التنسيق مع الجهات الثقافية الفلسطينية خارج الوطن المحتل ، كما تنسق بكل فاعلية مع الوزارات الثقافية العربية ، التي ستكون مفتاحا لتفعيل ثقافي في بلدانها .
لقد غاب الصوت الثقافي لوزارة الثقافة الفلسطينية خلال الشهور الماضية ، ووقفنا على كثير من أسبابه ، ورغم الألم الذي كان يصيبنا لذلك إلا أن فرحتنا بجهدها في ترشيح مدينة القدس جاء فرحة مضاعفة لسبب مهم لأن هذا المشروع سيشغل المؤسسات الثقافية الفلسطينية والعربية بقضية القدس لثلاث سنوات قادمة بين التخطيط والإعداد والبدء ..فهل يؤسس ذلك لمرحلة ثقافية فلسطينية وعربية فاعلة ؟؟ أرجو ذلك .
...............................
[/size]
الإثنين 26 ديسمبر 2022, 10:49 pm من طرف backup
» جروب علي الفيس بوك
الثلاثاء 28 يوليو 2015, 2:49 am من طرف ميدو171983
» غبنا وغاب الابداع,,,ورجعنا نعدل الاوضاع
الجمعة 19 أبريل 2013, 12:25 pm من طرف معين الحارة
» شاهد أغرب مركز تسوق فى العالم
الجمعة 19 أبريل 2013, 12:20 pm من طرف معين الحارة
» سجل حضورك بنطق الشهادتين (يرجي التثبيت)
الإثنين 25 مارس 2013, 4:06 am من طرف شيخ الحارة
» سجل حضورك بلن نعترف باسرايل ارجو التثبيت
الإثنين 25 مارس 2013, 4:04 am من طرف شيخ الحارة
» سجل حضورك يوميا بالصلاة على الحبيب محمد
الإثنين 25 مارس 2013, 4:01 am من طرف شيخ الحارة
» كتة بتخليك ترد غصـــــــــب....هههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههههههههههههههه
الثلاثاء 05 مارس 2013, 5:05 am من طرف غريبه الناس
» فوائد انقطاع التيار الكهربائي في غزة هههههههه حكمتك يارب
الثلاثاء 05 مارس 2013, 4:44 am من طرف غريبه الناس